أحوال الأسرة والطفلأحوال الثقافة والفن
البالول: التحقت في قطاع البريد في عام 1971 وكان اول دوام في بريد كيفان
قصص وذكريات مليئة بالمواقف.. حنين للماضي يرتسم على ملامحه.. حكايات من العصر الجميل.. يود ان يرى موظفي جيل الشباب أكثر التزاما في أداء عملهم ناصحا إياهم «اعملوا ولا تلتفتوا الى المغريات المادية فقط».
العم محمد البالول أبو سليمان الذي يعد من أقدم موظفي قطاع البريد، قام بفتح صندوق الذكريات واسترجع أجمل المواقف التي عاشها بكل بساطة وعفوية مع رواد ومؤسسي قطاع البريد في الكويت، متحسفاً على «بريد زمان»، مشيراً إلى ان «البريد الحالي يعاني، حيث لا يشغل بال بعض المسؤولين سوى السفرات والمهمات الرسمية» قال البالول في لقاء : التحقت في قطاع البريد في عام 1971 وكان اول دوام في بريد كيفان بوظيفه «كاتب حاجز»، وهي وظيفية مهمتها استلام الرسائل والطرود البريدية من الجمهور، وكان اول راتب لي 35 دينارا منها 20 دينارا قسطا للسيارة والباقي مصروفا لي.
البريد العام
واضاف البالول «عندما التحقت كان عمري حينها 18 عاما، وكان لدي العديد من الزملاء حينها، وهم جاسم الغيث وفهد القطيفي وفهد الدويسان، حيث كان عملنا على فترتين صباحية ومسائية، ولكن بعد انتقالي الى البريد العام اصبح الدوام صباحي فقط. وروى البالول طرق فرز البريد قائلا «كان الفرز يدويا وكل صباح عندما آتي الى عملي لا نسمع الا صوت الاختام، وكأنها موسيقى من كثرة العمل ونشاط الموظفين، حيث نشعر حينها بأننا في بيوتنا، بل وجودنا في عملنا أكثر من بيوتنا».
ووصف البالول البريد في حقبه الستينيات والسبعينيات بأنه يمثل شريان الدولة، قائلا ان مدير البريد حينها عبدالله العيد كان يأتي كل صباح بنفسه ويقوم بفرز البريد مع الموظفين، بل وكان الموظفون يتطوعون ليلا مع المدير العام للعمل على فرز البريد دون أي مقابل الا حبا في الوطن والعمل.
لا مجال للاستهتار وذكر ان الاعتماد على البريد كان هو الأساس من قبل الناس وذلك كون المكالمات الهاتفية كانت غالية الثمن، حيث يوفر البريد سابقا خدمات متعددة للجمهور، منها الرسائل والطرود والحوالات المالية. وعن الحوالات المالية قال البالول: كانت لا تستغرق سوى 3 أيام للوصول الى صاحبها فيما كان توزيع البريد يجري بصورة يومية من دون تأخير، مبيناً «الوضع قديما لا يقارن مع الحالي، فعلى الرغم من ان الأدوات المستخدمة بدائية، فإن البريد كان يصل بسرعه الى الناس، وذلك لأن الإدارة كانت شديدة ولا مجال للتلاعب والاستهتار».
وأفاد ان الموظفين سابقا كانوا اغلبهم من كبار السن، الا ان العطاء في العمل كان سمه بارزه فيهم، حيث تجدهم يعملون منذ دخولهم الدوام وحتى خروجهم، بل وتجري محاسبتهم على عملهم يوميا من قبل المديرين. 400 موظف روى البالول قصة نقل 400 موظف للعمل في احدى المقاسم قائلا «عندما جرى نقل هؤلاء الموظفين كانوا لا يرغبون في العمل ولكن بعد ان شاهدوا موظفي المقسم يعملون بجد وإخلاص، جدد ذلك الحماس لدى الموظفين الجدد، ما دفعهم الى التنافس، بل والعمل بصورة أكبر على الرغم من قلة الحوافز». الكراسي والمناصب واكد ان بيئة العمل لها الدور الأكبر في تحفيز الموظفين، موضحا ان بعض الموظفين حاليا لا يريدون الا الكراسي والمناصب والمهمات الرسمية، وانني وطوال عملي في البريد لم اذهب الا مرتين فقط بمهمة رسمية وقد أبلغت وكيل البريد حينها فاضل أبو الحسن بأن يفتح المجال للموظفين الشباب لهم لدفعهم نحو المزيد من العطاء.
ووصف البالول وضع الموظفين حاليا قائلا «هم في نعمة ورخاء، حيث كان الموظف سابقا لا توجد له مكافآت ولا بدلات»، ناصحا الشباب بالعمل والاجتهاد والا تصبح الأمور المادية هي العنصر الأهم، وان يبتعدوا عن المحسوبيات والواسطة ومقولة «هذا ولدنا» واجعلوا المحك هو العمل والإخلاص فيه.
ساعي البريد بين البالول ان الكويتيين كانوا يعملون بوظيفة ساعي بريد، حيث يجري فرز كل موظف على منطقة لتوزيع البريد، موضحا ان الموظف إذا تأخر في تسليم البريد كان يحاسب وتصير عليه «مشكلة». رسائل المحبين والعشاق قال البالول ان الرسائل البريدية كانت هي الوسيلة الوحيدة لتواصل المحبين والعشاق، حيث كان يحرص الشباب على اخذ صندوق خاص بهم لا يفتح الا من قبلهم للاطلاع على الرسائل الواردة لهم.
البريد والانتخابات
عن اغرب المواقف الذي تعرض لها، افاد البالول انه في احدى الانتخابات اتى شخص الى مركز عملنا يتساءل هل البريد أصبح طرفا في الانتخابات ويعمل في التجارة، حيث كان الناخبون حينها يستغلون أكياس البريد لتصبح مساند للوحات الانتخابية، ولكن بعد البحث بالموضوع اتضح ان الشركة المتعاقده مع البريد تقوم بتوزيع تلك الاكياس بصورة مخالفة.
الأب الروحي
«عبدالله ملا العيد هو الأب الروحي للبريد».. هكذا وصف البالول اول موظف عمل بمكتب البريد الوطني، قائلا ان العيد اختارته الحكومة بعد عمله في وزارة المالية ليستلم المهام البريدية في الكويت عام 1958. الاهتمام بالتراث أكد البالول انه كان مولعا في البر والاهتمام بالتراث والاشياء القديمة، حيث كان يصرف راتبه على الرحلات البرية، موضحا ان اول دولة سافر لها هي لبنان في عام 1964.
«كفو زين سويت»
قال البالول ان التكاسل في العمل كان امرا مستغربا في السابق، وكان العمل اكثر انضباطا من الآن، مضيفا «ان احد الموظفين جرى نقله الى ادارته عن طريق خاله وكان بمنصب وكيل مساعد، وبعد ان اتى الموظف زودني بكرت به ارقام هواتفه قائلا لي لا استطيع الدوام واذا اردتني اتصل فيني فبادرته بالرفض وقلت له اذهب الى خالك وقل له لن يجري نقلك الى الإدارة طالما انك لم تعمل،
وبالفعل اتصل بي الوكيل المساعد وبعد ان شرحت له الموضوع قال لي: كفو زين سويت فيه».
منافسة شريفة وصف البالول المنافسة بين المديرين والموظفين سابقا قائلا «كان التنافس شريفا وان كان هناك خلاف لا يتعدى ذلك وجهات النظر ولكننا نبقى اخوه متحابين»، اما الآن ما ان تختلف مع شخص حتى يقوم بكتابة مقالة كاملة عنك في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي.