أحوال الكويت
«ابن الكويت» شهاب أحمد البحر.. سيرة ومسيرة
- يوسف البحر: استثمار ما يتعلق بالزمان والمكان لاسترجاع أحداثهما وعرضها بما يناسب شخصية الوالد ومواقفه الإنسانية والمعرفية والوطنية
بلمسة الوفاء من الابن لأبيه، وعملا بقوله تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا..)، وبأسلوب توثيقي وشكل موضوعي معتمدا على ما أتيح له من وثائق ومستندات، يتناول د.يوسف شهاب البحر موجزا عن سيرة والده الذاتية في كتاب: «ابن الكويت شهاب أحمد البحر..سيرة ومسيرة»، وما رافقها من أحداث حقيقية وواقعية شملت حياته التي امتدت 79 عاما، وأعماله وخدمته الأمنية والمناصب التي تقلدها وموقفه في زمن الأزمة التي اختلقها عبدالكريم قاسم عام 1961م، وما كتب عنه شعرا ونثرا من مقالات وشهادات لأحياء عاصروه أو عملوا معه، استطاع المؤلف نقلنا إلى مرحلة مهمة من تاريخ الكويت عبر تقديم سيرة والده وما شهدته هذه المرحلة من أحداث كثيرة سياسيا واجتماعيا.
ويقول د.يوسف البحر في المقدمة: بعد تعريف السيرة كفنّ من الفنون النثرية التي تتناول التعريف بحياة علم من الأعلام له مكانته في مجاله وتخصصه، ومن البدهي أن يكون صاحب هذه الشخصية ذا مسيرة حياة مهمة من حيث علمه وتخصصه وأعماله، والمناصب التي تقلدها أو الأحداث المهمة التي شهدتها بيئته السياسية والاجتماعية التي ترتبط بتاريخ الوطن، وعندئذ يقال: إنه صاحب شخصية وطنية يستحق أن ترصد حياته، ويتوقف عند صفاته ومناقبه ومآثره وسجاياه وأعماله وأحداث مهمة شاركه فيها شخصيات وطنية أخرى بمواقف قد تكون جزءا من تاريخ وطن أو أحداث أمة، فيكون واجبا الكتابة عن حياة هذه الشخصية الثرية لما فيها من جوانب القدوة والتأسي وهو ما يؤمل أن ينتفع به أبناء الوطن، فتأخذهم الحماسة للإفادة من أحداث الماضي لينيروا بها الحاضر ويستشرفوا المستقبل، فحاضر هذا الجيل ومستقبله هو حاضر الوطن ومستقبله.
ويضيف المؤلف: رأيت أن أكتب عن والدي برا به ولأنه شخصية وطنية كويتية من الزمن الجميل، أحاول بما توافر لدي من وثائق عائلية وصور ومعلومات ومقابلات مباشرة مع شخصيات عاصرته، وكان لهم معه مواقف وحكايات تستحق أن تروى لأكشف بها ملامح شخصية الوالد وما حباه الله من صفات وسجايا وأخلاق، موضحا أنه استثمر كل ما يتعلق بالزمان والمكان لاسترجاع أحداثهما وعرضهما على النحو الذي يناسب شخصية والده ومواقفه الإنسانية والمعرفية والوطنية التي تميز بها. إن حديثه في هذه السيرة الغيرية التي يكتبها تتسم بجملة خصائص، منها أنها تتحدث عن شخصية حقيقية وواقعية، والمعلومات التي تضمنتها صحيحة لا تشوبها شائبة، كما جاءت تبعا للتسلسل الزمني لحياته الممتدة منذ الولادة حتى الوفاة (1915 ـ 1994م)، وكتبت بأسلوب جذاب وشائق للقارئ وأقرب ما يكون لأسلوب الراوي، بعيدا عن العواطف معتمدا على الوثائق والأحداث والمعلومات والحقائق، ملتزما الصدق والموضوعية في التعريف العام بوالده وأسرته وأعماله وخدمته الأمنية والمناصب التي تقلدها، وموقفه من الأزمة التي اختلقها عبدالكريم قاسم عام 1961 وأعمال أخرى، وما قيل عنه شعرا ونثرا من مقالات وشهادات لأحياء عاصروه أو عملوا معه.
ويقول المؤلف إن والده شهاب بن أحمد بن بحر بن حسين البحر، طيب الله ثراه، ولد عام 1915 في منطقة «الوسط» مقابل قصر السيف القديم، وكان ينادى بـ «أبوشهاب»، وفي صباه انتقل مع والده وشقيقته الوحيدة منيرة إلى منطقة «المرقاب»، وكان يتاجر بالخيول ويربي عددا منها وعلى دراية بها وبعلاجها، ذاكرا أسماء عدد من الأسر والجيران في هذه المنطقة آنذاك، إضافة إلى سرد ما وقع من أحداث في مرحلتي طفولته وصباه كوفاة أسد الجزيرة وتقلد جابر بن مبارك الثاني الحكم، ثم شقيقه سالم الصباح، وبعدها سنة الرحمة، ثم معركة حمض، معركة الجهراء، وبناء السور الجديد (الثالث)، واختيار أحمد بن جابر الثاني حاكما للكويت وتأسيس المدرسة الأحمدية وأول مجلس شورى في البلاد، وأول مكتبة عامة (الأهلية)، وسنة السابلة، تأسيس النادي الأدبي، قانون حظر استيراد العبيد، وإنشاء أول مطار في الكويت، ثم معركة الرقعي، وصدور مجلة الكويت، وبعدها تأسيس بلدية الكويت، وأول تجربة انتخابية في مجتمع الكويت عن طريق إنشاء المجلس البلدي عام 1930م.
وقد ألحقه والده، رحمه الله، بإحدى المدارس الأهلية وتعلم على يد المرحومين بن مطر وبن سيف اللغة العربية والقراءة والكتابة ومبادئ الحساب وحفظ ما تيسر من القرآن الكريم، وفي شبابه دخل البحر مع النواخذة عائلة العميري، بعدها اتجه للأعمال الخاصة، وتزوج من عائلة النبهان.
وقد اتصف شهاب البحر بصفات وسجايا حميدة كثيرة استحق بها مودة الناس وتقديرهم لاستقامته وحسن أدائه في عمله الرسمي.
وينتمي المرحوم إلى أسرة كويتية عريقة كانت قد أقامت في الكويت منذ زمن طويل وساهمت مع باقي العوائل في تكوين أول تشكيل حضري تمثل في بيوت مبنية من حجر البحر والطين قبل حوالي 400 عام قرب مرتفع يسمى «بهيته».
ثم جاء التوسع العمراني ونشوء مناطق خارج السور وتعدد أسمائها، والتقسيم الإداري الذي يضم 6 محافظات(العاصمة، حولي، الأحمدي، الجهراء، الفروانية، مبارك الكبير).
وكان البحر قد انتقل إلى الشامية، ثم الروضة التي توفي فيها عام 1994، وتكريما له أطلقت الدولة اسمه على الشارع الذي يقع فيه منزله «شارع شهاب أحمد البحر». وقد عايش شهاب البحر، رحمه الله، معظم الأحداث التي شهدتها الكويت منذ الثلاثينيات، والتي أسهمت في نهضة الكويت كامتياز التنقيب عن النفط، وتأسيس شركة الكهرباء الأهلية، وأول عملية انتخابية لاختيار أعضاء مجلس البلدية، وإنشاء مدينة الأحمدي، وتأسيس دائرة الأمن العام، وأول مدرسة نظامية للبنات، وحقل برقان، والمطبعة وافتتاح المستشفى الأميري، وانطلاق الإذاعة الكويتية، وتأسيس أول ناد رياضي، ومحطة تكرير المياه، وتأسيس «الكويتية»، واكتشاف حقل «الروضتين»، وميناء الشويخ، ومرسوم «الدينار وحدة النقد الكويتي»، وأيضا المجلس التأسيسي، وبداية الحركة التعاونية.
وفي عام 1962 صدر المرسوم الأميري بتقسيم الكويت إلى 3 محافظات، وعيّن المرحوم شهاب البحر أول مدير أمن لمحافظة حولي، ثم أنشئ المجلس التأسيسي بهدف صياغة دستور الكويت، وفي 1963 افتتح أول مجلس أمة، وانضمت الكويت إلى عضوية الأمم المتحدة لتصبح العضو رقم 111 في أسرة المجتمع الدولي، وفي أكتوبر من العام نفسه اعترفت الجمهورية والعراقية باستقلال الكويت وسيادتها التامة بحدودها وتم تبادل التمثيل الديبلوماسي على مستوى السفراء، وبعدها توالت الكثير من الإنجازات التي أسهمت في نهضة الكويت.
وختم د.البحر الكتاب بملحق صور فوتوغرافية وملحق بالوثائق والمستندات التي تؤكد ما جاء في الكتاب من معلومات قيمة قد تكون مرجعا للباحثين والمهتمين بدراسة هذه المرحلة من تاريخ الكويت، راجيا من القراء الذين يطلعون على هذا الكتاب تزويده بملحوظاتهم أو ما يتوافر لديهم من معلومات أو وثائق تخص والده وأعماله حتى يضمها فيما يستجد من طبعات أخرى.
المصدر : الانباء