مقالات وكتاب

حرية الاختيار

بقلم: د. عبدالرحمن أباذراع

أظهرت دراسة أجرتها سيمونا بوتي وآن ماكجيل لعام 2006 أنه عندما تعرض الموضوعات بخيارات مختلفة، ويكون أمامنا حرية الاختيار من بينها، فإن خيارنا يعزز رضانا بالنتائج الإيجابية، والشعور بعدم الرضا بالنتائج السلبية، مقارنة بالذين لا يتوفر لهم الاختيار.

عندما يولد الفرد وينمو معه الوعي تدريجيا فهو بلا شك يبدأ ببناء مهارات تعزز له التوافق والانخراط في الحياة مع المجتمع المحيط بدءاً بمجتمع الوالدين فالأسرة وتتوسع الدائرة إلى أن تصل إلى المجتمع المحيط والأوسع والأكبر، من أهم هذه المهارات التي تتشكل من خلال التفكير الواعي هي مهارات التمييز بين الأشياء، ربما تكون الأشياء مادية ملموسة ويكون معتمدا بذلك على الحواس الخمس، وإما أن يكون تمييزاً معنوياً يعتمد على التفكير وأشكاله ودرجاته المتنوعة، ويأتي الاختيار في مثل هذه الحالات ليشكل حالة للترقب والتريث وبالتالي يأتي القرار في الاختيار.

وفي دراسة هازل روز ماركوس وباري شوارتز جمعا خلالها قائمة من تجارب حرية الاختيار وذكرا أن «وجود الكثير من الخيارات من الممكن أن يؤدي إلى حالة من عدم اليقين تسبب العجز، والاكتئاب، والأنانية».

ما يعنينا هنا وفي هذه المقدمة التوضيحية هو مدى أهمية الاختيار في حياتنا، وكيف نتطلع إلى هذا الأمر في شؤون حياتنا الخاصة والعامة، ولعل أكثر ما يشغل بالنا في هذه الفترة نحن كمجتمع كويتي هو الحالة الانتخابية والحراك السياسي الذي ينعكس على حالتنا الاجتماعية بشكل مباشر، وانتخابات مجلس الأمة 2023.

فوجود مجلس ديموقراطي يمثل أمة كاملة تختلف شيئا ما بأفكارها وتطلعاتها وتتفق في هدف مهم ومركزي وهو المعايشة والتناغم، هذا الشكل يضاعف المسؤولية على الناخب في الحالة التي ذكرناها للاختيار بشكل دقيق ومدروس حتى لا يصبح ضحية للندم وبالتالي قد يصبح فريسة الاضطرابات النفسية التي قد تنعكس على حالته التفاعلية في بناء المجتمع مستقبلا.

فكلما زادت فرص الاختيار وتم الاختيار وفقاً لمرئيات الفرد التي قد تحقق له تطلعاته شعر بالراحة والرضى والاستقرار.

لذا جاء الدستور الكويتي ليكفل تلك الحرية في الاختيار محددة ومؤطرة بالقانون الكويتي الذي يسمح بذلك، وكذلك وجب على المواطن والمواطنة الكويتيين امتلاك قدر كبير في الخيارات التي تعطينا فرصة في الاختيار لمن سيمثلنا على مدى أربع سنوات متتالية، محققا لنا تلك الأماني والتطلعات.

ما يعنيني في هذا الحديث أن المسؤول الأول في عملية اختيار من يمثلك هو أنت فقط، ولكي تتمكن من عدم الشعور بخيبة الأمل بعد التصويت عليك طرح الخيارات الكثيرة التي تتمنى أن تتحقق من خلال من يمثلك فكلما زادت الخيارات اتسعت الحرية في الاختيار وبالتالي تتمكن من الاختيار لمن يمثلك وفق نظرية الاختيار التي تحقق السعادة والرضى المنشودين، وكلما قلت هذه الخيارات زاد الندم لدينا وشعرنا بالحسرة وبالتالي لن نحصل على رضانا المنشود وتكون النتيجة هي الندم.

لفتة نفسية

عندما تحدد خياراتك وفق تمنياتك وتحدد الاختيار الذي يتوافق من تمنياتك كلما انعكس ذلك على حالتك النفسية لتصبح أكثر سعادة وتفاعلاً وعطاء.

إغلاق