مقالات وكتاب
يجب إلغاء المادة ٨٠.. «وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا»
بقلم: مشاري جاسم العنجري
تعليقاً على ما يدور هذه الأيام بشأن استغلال مجلس الوزراء للسلطة الممنوحة له بموجب المادة 80 من قانون التأمينات الاجتماعية، التي تعطيه الحق بمنح معاشات استثنائية وفقاً لتقديره المطلق.. فما كان من مجلس الوزراء إلا أن قام بمنح نفسه مزايا خاصة للوزراء، متمثلة بالمعاشات الاستثنائية وزيادتها، وأخرى لبعض النواب وبعض القياديين، إضافة إلى قيامه بتفويض مجلس الخدمة المدنية بمنح القياديين، الذين يتركون الخدمة، معاشات استثنائية، ضارباً بذلك بعرض الحائط كلاً من مبادئ العدالة وتعارض المصالح وأولويات البلاد والنصوص الدستورية في هذا الشأن، محملًا ميزانية الدولة أعباءً ماليةً جسيمة لا معنى لها، ومثيراً بذلك الضغينة والبغضاء بين أفراد المجتمع.
وأسوأ ما في هذا السلوك هو أن يقرر مجلس الوزراء هذه المزايا لنفسه ولبعض النواب، وكذلك منح بعض القياديين في الجهات الحكومية زيادة تفوق المعاش القانوني، وكل ذلك تم بصورة تجافي العدالة وتخلو من المهنية، ومن الاسترشاد بالحكمة التي توخاها الدستور في المادة 119 منه، والتي تنص على ألا ينفذ أي تعديل في مكافآت أعضاء مجلس الأمة إلا في الفصل التشريعي التالي (أي بعد الانتخابات التالية)، لإبعاد شبهة ومظنة الاستفادة من قرار يصدره صاحب الشأن لمصلحته الخاصة مباشرة، كالذي فعله الوزراء في قرارهم الأخير، بزيادة معاشاتهم أو بتقريرها سابقاً.
ومن الجدير بالذكر، أنني لا أنكر، بل أرى أن المرتب الحالي للوزراء، وكذلك مكافأة النواب، لا يتناسبان مع عملهما ومسؤولياتهما، ومع آخر زيادة تقررت في هذا الشأن.. ولكن الطريق السليم لتحقيق ذلك هو أن تأتي البيوت من أبوابها وليس من ظهورها، وذلك باستخدام مباشر وصريح للمادتين 119 و124 من الدستور، بأن يقدم قانون بتعديل مرتبات الوزراء، وآخر بتعديل مكافآت النواب، إلى الحد الذي يتناسب مع عملهما ومسؤولياتهما، ومقارنة بمخصصات بعض الذين يشغلون الوظائف القيادية في الدولة، وبارتفاع نفقات المعيشة عن آخر تعديل لها.. وليس بسلوك الطريق الخاطئ والنفعي بمنح المعاشات الاستثنائية الدائمة لأنفسهم ثم رفعها بالقرار الأخير، بل ويستمر الصرف حتى لو ترك أحد الوزراء منصبه الوزاري بعد أيام من تعيينه فيه، وتم ذلك بطريقة غير صحيحة، إضافة إلى شبهة عدم دستوريتها ــ كما ذكرت، بل قد يؤدي هذا التصرف غير الرشيد من الحكومة إلى إضعاف هيبتها وهيبة الوزراء وإعاقتهم عن القيام بواجباتهم وفي مواجهة العقبات والازمات.
ولهذه الأسباب وغيرها فقد طالبت كثيراً، ومنذ سنوات عدة، بإلغاء المادة 80 من قانون التأمينات الاجتماعية نتيجة استغلالها الاستغلال السيئ كما رأينا، وحتى يكون مجلس الوزراء بمنأى عن الحرج بسبب المطالبات المختلفة من كل صوب بمنح معاشات استثنائية أو زيادتها.. وقد قدمت لبعض كبار المسؤولين في الدولة مشروع قانون بهذا الشأن مشفوعاً بمذكرته التفسيرية لتقديمه لمجلس الأمة.. وكانت آخر مطالباتي بإلغاء هذه المادة، قد جاءت في الدراسة التي نشرتها في جريدة الجريدة في 12-7-2020 لما في بقائها واستمرار العمل بها من خطورة عظيمة على البلاد وعلى المال العام.
وفي الختام إليكم بعض التساؤلات
– قانون التأمينات الذي يصفه القاصي والداني بأنه شبه مثالي في أحكامه وسخائه، والذي يفوق 100 مادة.. بأي منطق يكون عرضة للنسف والتخريب بوجود المادة 80؟
– بأي منطق يستمر استغلال المادة 80 من أفراد يقررون لأنفسهم؟
– ما مبررات الاستثناء التي لا تنطبق إلا على بعض الموظفين، الذين يوافق عليهم مجلس الوزراء دون غيرهم؟ وأين قواعد العدل والإنصاف؟ وأين مبدأ الفصل بين السلطات في ذلك؟
رجاء:
– أن يستعجل مجلس الوزراء تصحيح هذا الوضع وإعادة النظر في الاستثناءات التي تمت، وذلك احتراماً لمبادئ الحق والعدل. وأن يصدر مجلس الأمة قانوناً يعالج هذا الأمر وإلغاء المادة 80 من قانون التأمينات بأسرع وقت.
ملاحظة مهمة بصفتي معاصراً لوضع قانون التأمينات:
إن الأساس الذي وضعت بسببه المادة 80 من قانون التأمينات الاجتماعية عند العمل بهذا القانون في عام 1977 كان تحسباً لتكريم وإنصاف بعض الكويتيين، الذين التحقوا في الخدمة في الخمسينيات والستينيات من كبار السن، الذين ليس لديهم مدة الخدمة الكافية لاستحقاق معاش كريم، وذلك لتعويضهم عند تقاعدهم عن شقائهم في البر والبحر قبل الخدمة في الحكومة، ولم توضع هذه المادة لنسف القانون واستغلاله.
والله يحفظ بلدنا من كل سوء.